كلام على رائحة الفساد * سليمان الطعاني

كلام على رائحة الفساد * سليمان الطعاني
2011-06-26

المفسدون كائنات تتقن التخفي وهم متكلمون لبيبون يسوقون من الحجج والبراهين ما يدفعون به فسادهم ، مما يجعل المرء يظن أنه يجلس مع شيخ زاهد أو شخصية قيادية طامحة للأفضل ذات قدرات وأفكار لكنها يد واحدة فقط واليد الواحدة لا تصفق.. ولكي تصفق تقوم باتخاذ الفساد يدا ثانية ، وهكذا تدور العجلة وتدوس تحتها على كثير من الحقائق والقيم والثوابت . ويا للفاجعة- تجد الفاسد يسوق نفسه على أنه الكائن الناجح دوناً عن الآخرين والسبب في ذلك أنه نفذ بفساده بسلام، وهذا نجاح دخل في سيرته الذاتية خاصة أن المحاسبة غائبة على مذهب ما مضى لا يعود.
بالطبع نحن جميعا معنيون بأمر الفساد وبشكل كبير، مملوء بالحنق والقرف من هذا الوباء الذي تخترق رصاصاته جسد الوطن والمواطن وتنفذ إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية والتعليمية والأخلاقية والتربوية ، فتتدهور الصحة ويتراجع التعليم وتتلوث الذمم وتهدر القيم وتتشكل ثقافة خاصة للفساد والفاسدين !!!

معنيون بالطبع ، لما يشكله الفساد من خراب وتدمير للمجتمع حيث يعد من المعوقات أمام تطوره وتقدمه وإعاقة التنمية وإفساد الحياة العامة،
نعم باتت رائحة المفسدين وفسادهم تزكم الأنوف بقصصها ونوادرها ورواياتها التي أصبحت على لسان الصغير والكبير ، ويكاد المرء يخرج من جلده وهو يسمع الرواية تلو الأخرى عن هذا وذاك وهذه المؤسسة وتلك ممن أمعنوا في اغتيال الوطن والهوية وطعنوه بحرابهم المسمومة وعضوا اليد التي امتدت إليهم، وهم يدعون بانتماء مزور وولاء مشبوه وإخلاص مسموم ومسؤولية مشروخة مارسوا فيها حقدهم وكرههم على هذا الوطن من خلال ممارساتهم المشينة بحقه ، حتى أصبحوا فلاسفة وسادة هذا العصر وحيتانه ....

معنيون لأن هذا الأمر يمس هيبة الدولة ويهدد كيانها، بتفاقمه وبريقه وعتوه وغروره وفساده وطغيانه في الثروة والسلطة، والفاسدون يجترؤن على مقدرات الوطن وثرواته وحقوق مواطنيه ، بينما يزداد الفقراء فقرا والضعفاء ضعفا .

والسؤال : من الذي سمح لهؤلا بالتلاعب بمقدرات الوطن ونهب خيراته واستغلال أماكنهم ، من الذي فتح أمامهم البلاد ليعيثوا فيها الفساد ، السنا دولة مؤسسات وقانون في هذا الوطن الذي بني حجرا حجرا بقيادته وعرق أبنائه المخلصين ليبقى خيمة وارفة الظلال يستظل تحتها كل الأردنيين من شتى أصولهم ومنابتهم ، تساؤلات كثيرة على لسان كل الأردنيين القابضين على جمر الصبر .