سرايا – هبة كيوان – نظم صباح اليوم مركز عدالة لدراسات حقوق الانسان حلقة نقاشية نحو الحد من تطبيق عقوبة الاعدام، حيث قال الرئيس التنفيذي للمركز أن عقوبة الاعدام تم ايقاف العمل بها منذ عام 2006، الأمر الذي يعني أن هنالك اجراءات تدريجيه لإلغاءها.
وفي المداخلة الخاصة بالاستاذ محمد الموسى قال أن القانون الدولي لم يعد ينظر لعقوبة الاعدام من منظور الحق في الحياة فقط، وأنما اصبح ينظر إليها كعقوبة قاسية وغير انسانيةز
وأشار الموسى إلى أن اشد الجرائم خطورة هي التي تتعمد ازهاق الروح، والتي تعتبر الشروط الأول لحكم الاعدام.
وأكد الموسى بأنه لا يجوز اصدار حكم الاعدام على القضايا السياسية المتمثلة بالرأي؟
وبين أن الدولة التي يمر عليها عشر سنوات ولم تطبق حكم الاعدم، لا يجوز لها أن تعود لتنفيذ هذه العقوبة، موضحاً أن الأردن منذ ما يقارب الست سنوات لم ينفذ عقوبة الاعدام.
وكشف الموسى أن (26) شخص منذ ما يقارب الخمس سنوات صدر عليهم حكم الاعدام، إلا أنه لم ينفذ، رغم أن هؤلاء الأشخاص يتوقعون بين اللحظة والأخرى تنفيذ الحكم، وذلك بسبب ان الدولة لم تعلن الغاء حكم الاعدام.
وتطرق الموسى للحديث حول حكم الاعدام الصادر عن محكمة امن الدولة، مشيراً إلى وجوب الغاء هذا الحكم من قبل تلك المحكمة، على اعتبارها غير مستقلة وخاضعة للسلطة التنفيذية.
واقترح الموسى ان يتم استبدل عقوبة الاعدام بالحكم مدى الحياة وليس "حكم المؤبد"، معتبراً أن هذا الحكم في حال تم اكتشاف اخطاء خاصة به، فأنه من الممكن تصحيحها بعكس عقوبة الاعدام.
من جهة أخرى كان هنالك مداخلة الزميل حمدان الحاج حول رؤى وتصورات دور الاعلام في مساندة الغاء عقوبة الإعدام.
وقال الحاج : الإعدام عقوبة الموت وان تنفيذ حكم الإعدام هو قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع بما يعني بشكل مباشر استئصال الانسان من بيئته وجماعته.
وأشار الحاج إلى أن هذه العقوبة قضية جدلية رائجة في العديد من البلاد، ومن الممكن أن تتبدل المواقف في كل مذهب سياسي أو نطاق ثقافي.
وبين الحاج أن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة حيث أن الدول الاربعة الأكبر من حيث التعداد السكاني وهي جمهورية الصين الشعبية والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام، منوهاً إلى تنفيذ حكم الإعدام على المجرمين والخصوم السياسيين في كافة المجتمعات تقريبًا من أجل عقاب الجريمة وقمع المعارضة السياسية، حيث أنه وفي معظم البلدان التي تطبق هذه العقوبة، نجد أن الجرائم التي تستحقها في تلك البلاد هي القتل أو التجسس أو الخيانة أو كجزء من العدالة العسكرية
وقال الحاج : ينقسم الناس من مشرعين ومحللين وناقدين وعلماء دين في هذه القضية الى معارضين ومؤيدين واريد هنا ان اضع الجانبين في الموقعين اللذين يليقان بكل منهما ولكم ان تحكموا.
معارضو عقوبة الاعدام في العالم يرجعونها الى اربعة اسباب رئيسية تقول :
1 ـ ان مسألة عقوبة الاعدام في العالم هي من اهم موضوعات العولمة الثقافية المطروحة للنقاش حيث ينقسم العالم فكرا وثقافة وسياسة وفلسفة واعلاما وتطبيقا بين مؤيد لعقوبة الاعدام ومعارض لها.
ويسعى معارضو عقوبة الاعدام في العالم بقيادة اوروبا الى وقف تنفيذ هذه العقوبة في جميع دول العالم. وما دامت المجتمعات العربية والاسلامية مهتمة بالحوار مع الثقافات الاخرى فينبغي عليها المشاركة في الحوار العالمي حول هذه العقوبة وتقديم ما لديها من الاسس الشرعية الخاصة بتنفيذ عقوبة الاعدام. وعندما نتحدث عن حوار العولمة او حوار تعايش الحضارات فإن المقصود هو حوارنا مع الآخرين وليس حوارنا مع انفسنا. ومن المهم لنا في هذا الحوار ان نستمع للآخرين وان نصغي اليهم حتى يستمعوا الينا ويصغوا لنا.
2 ـ تتحمس دول الاتحاد الاوروبي بشكل خاص لمعارضة عقوبة الاعدام وتسعى من خلال الحوار احيانا والضغط في احيان اخرى لوقف تطبيق عقوبة الاعدام في جميع مناطق العالم. وما دامت الدول العربية والاسلامية ترتبط مع اوروبا بعلاقات ومصالح عديدة فمن المهم لهذه الدول ان تتبنى استراتيجية ثنائية قائمة على الحوار من ناحية وعلى مواجهة الضغوط الاوروبية وغير الاوروبية في هذه المسألة وغيرها من مسائل القيم الثقافية.
وان الفجوة الثقافية بين العرب واوروبا واسعة جدا وهي اوسع في بعض الامور من الفجوة الثقافية بين العرب وامريكا. ولكن، وبالرغم من ذلك تبقى لاوروبا اهمية سياسية خاصة في العالم العربي بسبب قربها الجغرافي وتقدمها التكنولوجي وروابطها الاقتصادية والسياسية بالعرب والمسلمين، وتفهمها الافضل نسبيا للموقف العربي والفلسطيني في قضية الشرق الأوسط ولذلك فإن هناك اهمية للحوار مع اوروبا لمعالجة مشاكل الاختلافات الثقافية معها.
3 ـ ان العرب والمسلمين ليسوا وحدهم في هذه المواجهة ـ المتعلقة بعقوبة الاعدام ـ مع اوروبا. فالهدف هو دعوة جميع دول العالم التي تطبق عقوبة الاعدام الى الغائها. وتأتي في مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة الامريكية، والمجموعة العربية والاسلامية، والصين واليابان
4 ـ ان هذه النقطة هي اهم نقاط الموضوع في نظري ومفادها انه يمكن للعرب والمسلمين الملمين بالشريعة الاسلامية ان يثروا بشكل كبير الحوار العالمي الساخن حول موضوع عقوبة الاعدام، فعقوبة الاعدام في الشريعة الاسلامية تقوم على اسس مجتمعية مدنية حضارية متميزة، وتختلف اختلافا جوهريا في منطلقها وفلسفتها عن أسس تنفيذ عقوبة الاعدام في القوانين الوضعية الموجودة في العالم.
وحول تنفيذ حكم الاعدام قال الحاج: يتم تأجيل تنفيذها بالقاتل في الحالات التي يكون فيها بين الورثة قُصر حيث ينتظر القاضي بلوغهم سن الرشد لمعرفة رأيهم في الامر وهل يسامحون ام يطالبون بتنفيذ العقوبة.
وتساءل الحاج : لماذا الحديث عن عقوبة الإعدام؟
لأنها عقوبة قاسية (استئصالية) ولا إنسانية، إذ لا يعقل أن ندعو إلى حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأهم حق من حقوقه، ألا وهو الحق في الحياة، يتعرض للانتهاك.
- الحق في الحياة منحة الخالق للمخلوق.
وهي لم تعد تحقق الردع بشقيه (العام، والخاص) والشواهد على ذلك كثيرة.
- لأنه لم يعد بالأمكان تصحيح الأخطاء إن وجدت بعد تنفيذها.
هذه أبرز حجج الفريق المؤيد لإلغاء عقوبة الإعدام، وهناك فريق يدحضها بحجج أخرى منها الردع والقصاص العادل.
أما الكاتب اسامة الرنتيسي فلقد تحدث حول رؤية الإعلام لحق الإنسان في الحياة قائلاً : لا حقوق للإنسان من دون إعلام، ولا إعلام من دون حقوق الإنسان. وهكذا، إذا كانت المهمة الأساسية للحكومة -أي حكومة- في النهاية هي تحقيق الحقوق الأساسية للإنسان، فإن مهمة الإعلام التي يستمد منها سلطته هي أصلا تتبع مدى نجاعة التدابير والإجراءات التي تتخذها الحكومة في سبيل ذلك.
وأشار الرنتيسي إلى أن الإعلام عموما، والإذاعة والتلفزة ووكالات الأنباء والصحافة المكتوبة خصوصا، دور كبير في تحسين وضع حقوق الإنسان في كل بلد وفي العالم.
وتتخذ مساهمة الإعلام في تحسين وضع حقوق الإنسان بعدين:
الأول- الفضح الفوري للانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان.
الثاني- الوقاية من انتهاكات هذه الحقوق.
ويضيف : رغم الفائدة الكبرى التي تتحقق من وراء مبادرة الإعلام إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها وإعداد التقرير بصددها وبثها أو نشرها، فإن دوره في حماية حقوق الإنسان، وخاصة في سياق شروط الانتقال نحو الديمقراطية في بلادنا حاليا، لا يتوقف عند هذا الحد. فلأن انتهاكات حقوق الإنسان ليست بالضرورة دائما عمودية المصدر، ولأن العنف وعدم احترام القانون والاختلاس والرشوة وغيرها من مظاهر الفساد والتحرش حين تتحول إلى عادات سلوكية يومية، سواء لدى الموظفين المكلفين تنفيذ القوانين أو لدى باقي رموز السلطة السياسية والاقتصادية يصعب على القوانين مهما تم تحسينها وعلى أجهزة الزجر المادي مهما بلغت قوتها أن تكبح من جماحها، يكون حريا بالإعلام، كما هو الحال بالنسبة لباقي مكونات التنشئة الاجتماعية أن يتجند في إطار حملة وطنية مستدامة تزاوج بين الفضح الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان والتربية والتكوين من أجل الوقاية من تكرار حدوث مثل تلك الانتهاكات أو غيرها.
وخلص الرنتيسي إلى أن الإعلام لن يكون داعماً حقيقياً للحق بالحياة ما لم يتم توعية العاملين فيه على المستوى الحقوقي وعلى المستوى الثقافي، وذلك عبر دورات تدريبية وندوات تثقيفية وحوارية، والاهم ان تكون القيادات في المؤسسات الاعلامية من المؤمنين بقضايا حقوق الانسان، فكرا وممارسة، وان هذه الحقوق هي التي من اجل حمايتها وصونها وجد الاعلام، تكريسا لقدسية المقولة:
لا حقوق للإنسان من دون إعلام...
ولا إعلام من دون حقوق الإنسان....