أخي الحاج: هذه وصايا أحببت اهدائها لك سائلاً الله التوفيق لي ولك.
إنك مقدم على عمل جليل وشعيرة مباركة إن وفقك الله على أدائها فأنت على خير عظيم. ولكن أخي: هل استحضرت نيتك وأنت تقصد هذا البيت المبارك؟ فإن استحضار النية أمر لابد منه، ويُعطى العبد من الأجر بقدر نيته ألا ترى أن النبي قال: { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه } [رواه البخاري].
فاحرص أخي الحاج على صدق النية، فإنك لطالما تكبّدت التعب والصعاب، فلا يذهبنّ تعبك باطلاً، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [البينة:5]، إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ [الزمر:2]، قال ابن العربي: ( هذه الآية دليل على وجوب النية في كل عمل.. ).
مجاهدة النفس على الإخلاص ورفض الرياء أمر شديد ولكنه يسير على من يسّره الله عليه، ومن قهرها تلذذ بالطاعات ووجد بركة العبادات. سئل سهل بن عبدالله: أي شيء أشد على النفس؟ قال: ( الإخلاص لأنه ليس لها فيها نصيب ). وقال سفيان الثوري: ( ما عالجت شيئاًً أشد عليّ من نيتي إنها تتقلب عليّ ).
أخي الحاج:
إنك تقدم إلى أطهر بيت في الأرض في خير البقاع، ضيفاً على ملك الملوك جبار السماوات والأرض سبحانه وعز وجل فلا تحدثن أخي قلبك بغيره فاخلص التوجه له سبحانه وتعالى. عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله يقول: { قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه } [رواه مسلم].
أخي المسلم الحاج:
لا تكن من أولئك الذين خرجوا إلى الحج رياء وسمعة، حتى يقال لأحدهم: إنه حجّ بيت الله وحتى يلقبه الناس بـ ( الحاج ) ومثل هذا ليس له من حجه إلا التعب والنصب قال : { من سمّع سمّع الله به ومن يرائي يرائي الله به } [رواه البخاري ومسلم]. فاحذر أخي الرياء فهو الشرك الذي لطالما حذرنا منه النبي : { إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر } قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: { الرياء } [رواه أحمد]. فالإخلاص.. الإخلاص أخي الحاج فالرياء محبط للعمل.
أخي الحاج:
هل لك في علاج لصغير الشرك وكبيره؟ فقد علمنا رسول الله دعاء إذا قلناه أذهب الله عنا صغار الشرك وكباره. قال : { الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، واستغفرك لما لا أعلم } [صحيح الجامع الصغير]. وإليك أخي هذه الوصية الثمينة من الفاروق عمر بن الخطاب قال: ( فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تزين بما ليس فيه شانه الله ).
أخي الحاج :
إنها أيام الدعاء فاغتنمها
أخي الحاج: أما يسرّك: أن تقضى حاجاتك؟! أما يسرّك: أن تُشْفى أو يُشْفى مريضك؟! أما يسرّك: أن يثبتك الله تعالى على دينه الحق؟! أما يسرّك: أن يهديك لما اختُلفَ فيه؟! أما يسرّك: أن يغفر الله ذنبك ما تقدم منه وما تأخر؟! أما يسرّك: أن يرزقك الله حسن الختام في الدنيا؟َ أما يسرّك: أن تلقى الله وهو راض عنك؟! أما يسرّك: أن يباعد وجهك من النار؟! أما يسرّك: أن يدخلك الجنة فتنعم فيها مع الأبرار؟! بلى يسرّك أن يحقق الله تعالى لك تلك الأمنيات وما أجلها من أمنيات
أخي الحاج :
وأنت تتقلب بتلك المشاعر الطاهرة فلا تعجزن عن الدعاء فإياك أن تفوت هذه الغنيمة، وإلا فما فائدة حجك إذا لم تلق بقلبك أمام خالقك تعالى في تلك البقاع؟! فما أغلاها من بضاعة، وما أبخس الذين يضيّعونها.
أخي الحاج:
قسّم العلماء الدعاء إلى قسمين: دعاء العبادة ودعاء المسألة وانظر معي أخي في كلام العلامة عبدالرحمن السعدي طيب الله ثراه حيث قال: ( كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله والثناء على الداعين يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة وهذه قاعدة نافعة، فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة دعاء المسألة فقط ولا يظنون دخول جميع العبادت في الدعاء وهذا خطأ جرهم إلى ما هو شرّ منه فإن الآيات صريحة في شموله لدعاء المسألة ودعاء العبادة ).
وهذا هو العلامة القدوة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز قدس الله روحه وشمله بإحسانه وأسكنه بحْبوحة جنانه يقول: ( إن نوعي الدعاء متلازمان وذلك أن الله تعالى يُدعى لجلب النفع ودفع الضر دعاء المسألة ويُدعى خوفاً ورجاءً دعاء العبادة، فعلم أن النوعين متلازمان فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة ).
أخي الحاج:
فاحرص على الدعاء، ولا يغيب عنك أنه عبادة قال : { الدعاء هو العبادة } [رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، صحيح الجامع الصغير:3407]. أخي المسلم: فلا تكونن من العاجزين في الدعاء فإن النبي قال: { أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام } [رواه ابن حبان، صحيح الجامع الصغير:1044ٍ].
أخي الحاج:
إن أعظم ما في تلك الأيام المباركة يوم عرفة، ذلك اليوم الذي ينتظره الصالحون وقد أعدُّوا السؤال واستحضروا الحاجات، فيسألون ربهم تعالى خير الدنيا والآخرة، قال : { خير الدعاء دعاء يوم عرفة } [رواه الترمذي ومالك، صحيح الجامع الصغير].
رحمة عضو جديد
تاريخ التسجيل : 21/02/2012 العمر : 33
موضوع: رد: وصايا ذهبية لحجاج بيت الله الحرام * طالع الموضوع * الثلاثاء فبراير 21, 2012 2:47 pm
بارك الله فيك وجزاك خيرا
وصايا ذهبية لحجاج بيت الله الحرام * طالع الموضوع *